hactor
عدد الرسائل : 111 تاريخ التسجيل : 09/05/2008
| موضوع: لو كان الندم رجلاً ....لن أكتفي بقتله الأحد يونيو 08, 2008 2:08 am | |
| في هذا الوقت بالذات من العام ، مع موجات الحر التي تصيب المرء بالكساد والفساد والعطن ، ولايصير هناك رغبة في تعاطي أي الأشياء الساخنة ، ويصبح الندم هو الشعورالأكثر طزاجة ، يأتيك طواعيةً ، أويهبط فوق رأسك رَطِباً جنيا ، فلاتملك معه منعاً أو إبعاداً ، يحضر الندم بحضوره المهيب وكينونته المسيطرة ، وأنت تشعر بالاختناق من جراء الموجة الحارة والعطن ، فتترك له نفسك تماماً ، تستسلم ولا تكلف نفسك عناء محاربته ، وتبدأ في اجترار ما لا يجب اجتراره ، علي الأقل ليس الآن ، الاجترار يتطلب روحاً مهيئةً ، يتطلب برداً في الخارج ودفئا في الداخل ، يتطلب كوبا من" النيسكافيه" الساخن وموسيقا حارة وعلبة" شيكولاتة" من القطع الكبير ، يتطلب مزاجاً رائقاً يعرف كيف يصنع لذاته نوعاً من الاكتفاء والحصانة وحواجز للدفاع ، لكن ليس الآن أبداً ، مع كل هذا الكساد والاستسلام والمزاج عاري الظهر والبطن والساقين ومعرض لأي لحظة للقصف أو حتي للاختلال ، أن تندم أي أن تحزن ، والحزن مع الاختناق مزيجاً مفزعاً ليس مطلوبا أبدا في هذه الأيام المشتعلة ، ثم أن الأطباء نصحوني كثيرا بعدم المزج بين الندم والحزن بالذات لأن في ذلك خطر شديد علي النفس ، ولكن يبدو أني كراهيتي الدائمة للأطباء ونصائحهم البلهاء أنستني هذه الحكمة التي أراها الآن بليغة بحق ، أعرف الندم حين أراه من بعيد ، قادماً بخطوته الثقيلة وعينه النصف مقفلة وردائه القاتم وصمته الجاثم فوق الصدر ، إنه أخرس لا يتكلم ، فقط يدعك أنت مع نفسك تتصارعان بمشادة كلامية لا تنتهي سوي بالتفكير المقيم المنتشرة في جميع أرجاء العقل المريض والنفس الغيرسوية ، ليقوم التفكير بتعذيبك بطرقه الخبيرة ، وخذ من المهاترات والجزعبلات النفسية وعدوي البارانويا وعدم الثقة في الخلق والتساؤلات الوجودية العقيمة الكثير والكثير ولن تنتهي إلا برحيله المتأخر ------- كنت أكذب ، أعرف ، والآن أشعربالندم حين كذبت ، لم أكذب علي أحد أو فلأقل لم أكذب عليها ، لكني كذبت عليّ حين رضيت بتزييف الحقائق الواضحة كالشمس ، رضيت بأن أغلق عيني عما بدا ساطعاً ، الندم علي الكذب شيءٌ آخر ثقيلٌ أيضا ------- أستطيع الآن أن أجلس وأراقبكِ أثناءوضعك للمسات الأخيرة من المكياج ، وأثناء جمعك حاجياتك واستعدادك للرحيل ، أستطيع أن أطلب منك أن تفعلي هذا بهدوء ، بلا ضجة ، سأظل هنا أستمتع بمذاق القهوة أو بقراءة شيءٍ في جريدةٍ قديمة ، أستطيع أن أذكرك أن تأخذي ابتساماتك وقنينة عطرك وطابعك المنقوش في كل جزء هنا ، خذي أيضا صوتك ، لاتتركيه معلقاً هكذا في ثريات ذاكرتي ، وطعم شفتيك الذي كنت أزين به حوائط غرفتي ، لا حاجة لي به الآن ، أستطيع أن أكره زيف العودة بدعوي نسيانك لشيءٍ ما ، أستطيع أن أكره الخيوط الواهنة التي تصل مابين شيئين لا يتصلان ، أكره اقحام الخيوط الواصلة في المشهد المزيف وأكره رضائي بما هو كذبٌ صريح علي كل شيء ------- لا مجال الآن للحلول التي ترضي جميع الأطراف ، ربما لأنها أطرافٌ مبتورةٌ منذ البداية ، وربما لأنني الآن أشعر بالحر والاختناق والندم وأنا لا أجيد ألعاب الذهن والعقلانية حين أكون حرانا ومختنقاً ونادماً ------- في هذا الوقت بالذات ، أستطيع ألا أفعل شيئا حيال أحد وحيال العالم ، أستطيع فقط أن أراقبك تذهبين ، وأراقب نفسي أعاتب ذاكرتي علي انتهاك روحي الغير مهيئة للانتهاك ، في هذا الوقت بالذات لا أتمني سوي رصاصةٌ أطلقها بيدي في جوف فمي ، ويكون هذا في غرفة المكتب حتي أوصف بالمصداقية ، لا أتمني سوي كأسٍ من السم سريع المفعول ، لأنه علي مايبدو أن هذا الملعون (الندم) لن يرحل الآن ولا غدا ولا بعد غد ، يبدو بحقائبه الكبيرة أنه سوف يقيم زمنا في صدري
| |
|